أخرجه بن أبي شيبة والإمام أحمد وأبوداود والترمذي وابن عبد البر في التمهيد والدار قطني.... ولفظه عند أغلبهم (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له) وهو عند جميعهم من رواية ابن جريج عن سلميان ابن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا. قال الترمذي: وقد تكلم أهل العلم في حديث الزهري عن عروة عن عائشة. وحكى ابن علية عن ابن جريج قال: لقيت الزهري فسألته عنه فأنكره. لذلك ضعفوا الحديث من هذه الناحية. وفي بداية المجتهد لابن رشد (.. قالوا: والدليل على ذلك- يعني ضعف الحديث- أن الزهري لم يشترط الولاية, ولا الولاية من مذهب عائشة) وحديث (لا نكاح إلا بولي وصداق وشاهدي عدل) هو عند الطبراني في الكبير من رواية ابن عباس وفي سنده الربيع بن بدر وهو متروك. وفي مصنف عبد الرزاق من رواية عمران ابن حصين, وعند الدار قطني أيضا, ولكن فيه عبد الله بن محرر وهو متروك باتفاق أئمة الحديث. وهو عند البيهقي وابن حزم في المحلى, لكنه عندهما موقوف على عمر. ونجده عند البخاري ترجمة بمعنى أنه غيرمسنود. وللحديث طريق آخر عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري تارة, وتارة أخرى مرسل عن أبي بردة بدون ذكر والده.
وأعتقد أن قضية الولاية في النكاح من أكثر المشكلات الاجتماعية تعقيدا لأسباب كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر ما يتعلق بتعسف وظلم الأولياء ومنها ما يتعلق بالمرأة نفسها فكثيرا من الفتيات العفيفات الطيبات لا يرغبن في مواجهة أوليائهن في المحاكم وتفضل حياة الوحدة والعنوسة والأسى على بناء سعادتها على أنقاض خصومة وعداوة تلقي بظلالها على مستقبل حياتها وأسرتها، إضافة إلى أن بعض الشباب لا يرغب في مواجهة أسرة الفتاة أمام القضاء لأنها قد تكون بداية سيئة لحياة يفترض أن تكون سعيدة. ونخلص إلى أن الفتاة غالبا لا تجد من يقف معها في هذه المشكلة، وقد لا يلام البعض لأنه لا أحد يرغب في الدخول في نزاع بين الفتاة وأسرتها حتى من الأقارب، وأعتقد أن معالجة هذه القضية تحتاج إلى النظر في إيجاد جهة معنية بالإصلاح في القضايا الأسرية في إمارات المناطق يشرف عليها من يعرف بالأمانة والستر والحكمة في معالجة هذه الخلافات بخصوصية تامة تضمن للفتاة عدم الإحراج في مواجهة الأولياء وترفع الظلم عنها، وبفضل الله تعالى ستحل كثيرا من هذه القضايا قبل وصولها للقضاء لأن من الأولياء من لا يريد أن يزج اسمه أمام الحاكم الإداري في مثل هذه القضية، ومن يصر على ظلم موليته فستكون الإمارة أكثر حزما في التعامل معه وإحضاره أمام القاضي المختص، حتى لا تجد المرأة نفسها مرغمة على قبول الظلم أو التنازل عن بعض حقوقها مقابل ممارسة حقها الطبيعي في الحياة، وبالجملة ما أقسى أن تكون أبسط الأشياء هي آخر ما يحلم به الإنسان.
*محامٍ
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على محمد خاتم النبيين, و على آله و صحبه و المهتدين بهديه إلى يوم الدين. وبعد فيقول الفقير إلى رحمة مولاه محمد الأمين الشاه, إمام مسجد الخيف في مقاطعة تيارت بمدينة نواكشوط عاصمة موريتانيا, عفا الله عنه ونصره وعافاه: لقد رأيت أن أقدم إلى الناس عرضا عن مسألة بدت لي في غاية الأهمية و الحساسية: ألا و هي مسألة الولاية في النكاح. و قد دعاني إلى المبادرة إلى هذا الأمر الخطير, ما لاحظته من تعسير وتضييق في أمور أرى أن فيها سعة ويسرا, تمسكا بأقوال لا تستند إلى دليل قطعي, وربكم جل في علاه يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر. ومن المعلوم المسلم به أن الدليل الملزم إنما هو نص قطعي الدلالة والثبوت أو إجماع متيقن, فأقوال العلماء لا يستدل بها ولا يحتج بها في الدين, وإنما يحتج لها ويستدل لها. و قبل الولوج إلى موضوع الولاية نقول كلمة عن النكاح من حيث مفهومه, فهو عقد يحل استمتاع كل من الزوج والزوجة بالآخر على الوجه المشروع. والعرب تستعمل لفظ النكاح بمعنى العقد والوطء جميعاً، لكنهم إذا قالوا: نكح فلان فلانة، فإنما يريدون تزوجها وعقد عليها، وإذا قالوا: نكح فلا ن زوجته أو امرأته فهم يريدون المجامعة.
السؤال: ولاية نكاح المرأة بعد وفاة والدها إلى من تنتقل؟ الإجابة: أولى الناس بالتزويج الأب ثم الجد من قبل الأب وإن علا، إن كان لها جد من قبل أبيها فهو أولى، فإن لم يكن لها أب ولا جد من أبيها انتقلت الولاية إلى أبنائها إن كان لها أبناء، وإلا فإلى إخوتها الأشقاء، ثم الإخوة لأب، ثم أبناء الإخوة الأشقاء، ثم أبناء الإخوة لأب، ثم للأعمام الأشقاء، ثم الأعمام لأب، ثم أبناء الأعمام الأشقاء، ثم أبناء الأعمام لأب. فإذا لم يوجد لها عصبة أو كان عصبتها في مكان بعيد لا يمكن الاتصال بهم، أو كان عصبتها قد امتنعوا من تزويجها بمن هو كفء، زوجها قاضي المحكمة. السائل: وأي الإخوة الأشقاء يتولى ذلك؟ الشيخ: كلهم له ولاية، لكن من الأدب أن يجعلوا الذي يتولى ذلك الأكبر منهم. محمد بن صالح العثيمين كان رحمه الله عضواً في هيئة كبار العلماء وأستاذا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية 16 0 169, 544
وقال عبد الرحمن ابن القاسم العتقي من المالكية: ليست الولاية في النكاح واجبة وإنما هي من سننه. وقال داود ابن علي إمام الظاهرية: الثيب تزوج نفسها. ومن أدلة هذه الطائفة: قوله تعالى من سورة البقرة: {فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} وكذلك قوله عز وجل من نفس السورة: { فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} فقد أسند إليهن فعل الإنكاح. وكذلك قوله تعالى: {فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف} ولقوله عليه الصلاة والسلام الثابت في الصحيح « الأيم أحق بنفسها من وليها » وبما أخرجه الدار قطني بسنده من أن رجلا ( جاء إلى علي ابن أبي طالب وقال امرأة أنا وليها تزوجت بغير إذني, فقال علي: ننظر فيما صنعت فإن كانت تزوجت من كفء لها أجزنا ذلك. ) واستدلوا أيضا بما أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه والطحاوي وغيرهما من طريق القاسم ابن محمد ( أن عائشة زوجت حفصة بنت عبد الرحمن من المنذر ابن الزبير. ) وقابلوا الأدلة من القرآن بأدلة مثلها. ثم بينوا ضعف الأحاديث الواردة في اشتراط الولي وردوها برمتها. فحديث: أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل.
السؤال: هذه رسالة أو ثلاث رسائل، وقد وافق أيضاً السائل (ع. ت. س) مع الأخوين محمد عقلان من الرياض وعبده علي من الخبر، تقول الرسالة: هناك امرأة طلبت من رئيس كتابة العدل أن يسجل لها وكالة لأخيها من أبيها ليتولى عقد زواج لها على الزوج الذي ترضاه مع أنها تركت أبناءها وهم الأقربون للولاية، وليس فيهم نقص، ومن بعدهم أخ شقيق، وفعلاً أخرج صك من كتابة العدل حسب رغبتها، ثم اتصلت هي والوكيل والزوج بإمام مسجد وليس موظفاً وظيفة رسمية، فتم العقد والزواج بهذه الصفة، فما رأيكم فيمن كتب هذه الوكالة ومن عمل بها، وأيضاً من وقوع الزواج، أفتونا مشكورين جزاكم الله خيراً؟ الجواب: أولاً: الواجب أن يتولى النكاح الأقرب فالأقرب، هذا هو الأرجح من أقوال العلماء، يتولاه الأقرب فالأقرب، فالأقرب: الأب، ثم يليه الجد، ثم الأبناء، ثم الإخوة الأشقاء، ثم الإخوة لأب، ثم من دونهم، كابن الأخ الشقيق وابن الأخ لأب، والعم الشقيق، والعم لأب، كالمواريث، هذا هو الأرجح؛ لأن هذه قرابة يترتب عليها حنو على المرأة وحرصاً على ما ينفعها، فكان الأقرب فالأقرب أولى؛ ولأن الرسول ﷺ قال: لا نكاح إلا بولي كل ما كان الولي أقرب صار أكثر عناية بها وحرصاً على مصلحتها، فلا ينبغي لها ولا لغيرها أن يعمل خلاف ذلك،.... تكتب الوكالة باسم الأبعد ويترك الأقرب، مثل هذه التي كتبت الولاية لأخيها وموجود لها أبناء، والأبناء مقدمون على الراجح على الإخوة.
ولكن إذا تم العقد بذلك فينبغي.. فسخه يعني ينبغي أن يجدد العقد بالولي الأقرب حتى يخرج من خلاف العلماء، بعض أهل العلم يرى أن جميع الأقارب العصبة يكفون سواء كان أخ أو ابن أو عم، ولكن الأولى والذي ينبغي هو تقديم الأقرب فالأقرب، فالذي عقد لها أخوها لأبيها مع وجود أبنائها ينبغي أن يجدد عقدها بنفس ابنها أو وكيل ابنها، إلا إذا كان ابنها قد وافق على توكيل الأخ لأب فلا بأس، إذا وافق الأقرب على توكيل الأبعد فلا حرج، إذا قال الأقرب: نوكل الأبعد، فإن وكل ابنها أخاها فلا بأس، أما إذا كان بغير إذنهم وبغير موافقتهم فلا، فلابد أن يكون الأقرب هو الذي يتولى عقد النكاح، وإذا تم العقد بولاية غير الأقرب فينبغي أن يجدد بولاية الأقرب خروجاً من خلاف العلماء واحتياطاً للفروج؛ لأن الفروج أمرها عظيم، الفروج لها شأن، فينبغي أن يحتاط لها في كل شيء، ومن ذلك: أن يكون العقد من الأقرب لا من الأبعد، إذا تولاه الأبعد ينبغي أن يجدد من الأقرب حتى تكون المرأة حلاً للزوج ليس فيه شبهة. نعم.